الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

من تجربتي في اليابان أثناء إقامتي هناك




من تجربتي في اليابان أثناء إقامتي هناك


اهتمت الحكومة اليابانية بالأسرة وأفرادها حيث أنها اللبنة الأساسية في بناء المجتمع فقامت بالإنفاق على الأطفال ورعايتهم منذ نعومة أظفارهم وقامت بتجهيز المراكز الصحية والمستشفيات والحضانات ورياض الأطفال والمدارس الراقية والتي تعد بيوت ثانية لهم يقضون فيها ساعات طويلة من الصباح الباكر حتى العصر ويقومون بتنظيفها بأنفسهم بمساعدة المعلمين.
في اليابان يتم تربية هؤلاء الأطفال على احترام الكبار واحترام المعلمين والمدراء، ويعلمونهم منذ الصغر وبالتناوب مهارات قيادة الفريق ويدربونهم بشكل عملي بأن القيادة تكليف وليس تشريف؛ حيث أن قائد الفريق خادم لفريقه يتحمل المسؤولية ويتحمل عاقبة قراراته، ويدربونهم على مهارات الإلقاء والعرض أمام الكبار والصغار بدون خجل، ويربونهم على التخطيط وإدارة الوقت ودقة المواعيد والمحافظة على البيئة وحسن الخلق وحسن المعاملة واحترام الآخر ومساعدته والابتسام في وجهه خاصة إذا كان كبيراً أو ضعيفاً، ويربونهم يومياً على الصدق والأمانة والإكثار من الشكر والإسراع في الاعتذار عن الخطأ حتى إذا كان الخطأ صغيراً؛ حتى أنك تظن أنهم يشكرونك بدون أن تفعل شيئاً ويعتذرون منك دون أن يخطئوا، وعند طلب أي شيء يبدؤون بجمل في غاية الأدب (من فضلك، رجاءً، لو سمحت،الخ...) حتى أصبحت هذه عادات أصيلة عندهم لا يستطيع أحد إنكارها فهي منتشرة بين كل فئات المجتمع.


وكذلك تقوم الدولة برعاية الشباب من عمر (18 حتى 25) بتدريسهم مجاناً في الجامعات وتدريبهم في القطاعين الخاص والعام في مجال تخصصهم بعد إنهاء الدراسة الجامعية وتوفير فرص العمل المناسبة والرعاية الصحية للجميع.


أما الشباب والكبار من سن 25 حتى 60 عاماً فيقدمون للدولة كل طاقتهم وجهدهم ويتفانون في أداء أعمالهم ويعملون برضاً طوال اليوم بزيادة 6 ساعات عن معدل ساعات العمل في العالم وبإنتاجية عالية وذلك بسبب ما يلاقونه من إدارة أبوية من أصحاب العمل وبسبب تحقق العدالة الاجتماعية والتحفيز المادي والمعنوي لهم.وتكافؤ الفرص والمساواة بين أفراد المجتمع وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب إذا دعت الحاجة لذلك وبعد استنفاذ الوسائل التربوية؛ حيث قبل أن يبدأ الفرد بأي عمل يتم إعلامه شفوياً وكتابياً وبالتفاصيل الدقيقة عن طبيعة عمله وما المطلوب منه بالضبط وما هي الواجبات التي عليه والحقوق التي له لضمان حسن أدائه لعمله وانتفاء الجهل بماهية هذا العمل لكي يحاسب على عمله ثواباً أو عقاباً.
كما تقوم الدولة اليابانية بالإنفاق على كبار السّن من عمر(60 فما فوق) ورعايتهم الصحية وتأمين الرواتب التقاعدية المرتفعة ومكافآت نهاية الخدمة العالية مثال على ذلك تدفع شركة (تويوتا) للسيارات عند نهاية الخدمة للموظف حوالي نصف مليون دولار أمريكي عدا عن الرواتب التقاعدية المستمرة.
وبعد التقاعد يعمل كثير من المتقاعدين في المراكز البحثية والجامعات وغيرها كخبراء بمكافآت مجزية وكثير منهم يعمل حتى الثمانين من عمره. 

في اليابان لا يضيع لك حق حتى لو كنت غير مطلع على حقوقك أو جاهل بها لكونك أجنبياً مثلاً فيتم إيصال الحق إليك بدون أن تطلبه حتى تحسبهم هم الذين يحتاجونك ويسعون وراءك لأداء حقك.

تجد في اليابان الإتقان والإحسان في العمل في كل مكان فكل فرد يؤدي عمله على أكمل وجه ويحب عمله معتبراً أن عمله أهم عمل في هذه الحياة.

في اليابان هناك حكومة مركزية تضع الأطر العامة للقوانين والتشريعات وهناك حكومات محلية لامركزية تقوم بوضع القوانين والتشريعات والمواصفات الخاصة لكل منطقة.لذلك لا توجد بيروقراطية هناك وتنجز المعاملات بسهولة ويسر وبدون تعقيدات.

هناك تشاركية بين القطاعين العام والخاص وبين مؤسسات المجتمع المدني وكأنها أسرة واحدة تسعى كلها إلى هدف واحد وهو استمرار التقدم في اليابان وتحسين نوعية الحياة للمواطن.
تهتم الحكومة اليابانية بذوي الاحتياجات الخاصة ولذلك أعدت لهم كل وسائل الراحة والتي تساعدهم في الانخراط في المجتمع والخروج من دائرة الإعاقة إلى الإنتاج والعمل كتجهيز المواصلات العامة الكريمة والممرات الخاصة بهم والمرافق الصحية الملائمة لهم وغيرها الكثير. 


تهتم الحكومة اليابانية بالبيئة وتحافظ على عناصرها الحية من إنسان ونبات وحيوان وغير الحية من هواء وماء وتربة، وتستعمل اليابان مصادر الطاقة البديلة والمتجددة خاصة بعد كارثة فوكوشيما حيث تم إيقاف جميع المفاعلات النووية بعد استفتاء الشعب بهذا الخصوص 


وقد تم رفع الوعي البيئي لدى المواطنين فتجد المدن اليابانية قمة في النظافة كما تلاحظ وجود الحاويات المخصصة لفرز النفايات المختلفة لإعادة تدويرها في المراكز التجارية والشوارع العامة.
اهتمت اليابان بتخطيط المدن وتصميم البنية التحتية المتينة من شوارع وأنفاق واسعة وجسور طابقية ومواصلات عامة كريمة مثل مترو الأنفاق والقطارات السريعة والحافلات عالية التردد.
هذا بعض ما رأيته في اليابان لعلنا نستنير جميعاً بهذه التجارب الناجحة لنسعى إلى النهضة المنشودة للعالمين العربي والإسلامي.