الاثنين، 13 يونيو 2011

رد بعض الجميل لكل معلم درسني*


ش

رد بعض الجميل لكل معلم درسني*

من واجبي رد بعض الجميل لكل معلم درسني.. أنا أرفض الإساءة للمدرسين وإن كانت هناك تجاوزات من بعضهم فلا يجب أن تعمم على الجميع.. أنا مع المدرس  الذي يفني عمره يعلم الطلاب .. وإن كان صدر تقصير من المعلم فعلى الوزارة أن تؤهله وتدربه وتكرمه وتلبي احتياجاته وبعد ذلك تحاسبه.

لقد درست في فترة احترام وتقدير المعلم وإعطائه مكانته الاجتماعية الملائمة وكانت عنده السلطة يستعملها عند الحاجة ويلوح بعصاه أحياناً مخوفاً ومهدداً ويستعملها أحياناً إذا اقتضت الضرورة أو وفق ظنه آنذاك أنها تحقق مصلحة للطلاب .. في تلك الفترة الذهبية للمعلم استعمل سلطاته للمصلحة وربما بعضهم تعسف وظلم قليلاً.. ولكن والحمد لله تخرجت من تلك المدارس أجيال من الطلاب رائعة بمجملها .. احترمت المعلم وقدرته .. وتخرج الأطباء والمهندسون والأكاديميون والفنيون وغيرهم على يد هذه النخبة المثقفة .. أنا صدقاً ما زلت أحبهم وأحترمهم وأترحم على كل من قضى نحبه منهم .. وإن قسوا علي وإن نالتني أحيانهم عصيهم لكنهم كانوا مخلصين حقاً ؛ زرعوا فينا العقيدة الإسلامية الصحيحة وعلمونا أصول الدين وغرسوا فينا حب الأوطان وكره الأعداء والمحتلين وعلمونا اللغة العربية وسائر العلوم الأخرى ودفعوا بأوقاتهم وصحتهم ثمناً لهذا كله .. ولا أقول هنا إلا جزاهم الله عنا خيراً وبارك الله فيهم جميعاً مدراء وأساتذة وإني مهما قلت فلن أوفيهم حقهم.. والله أستحي أن أتكلم بسوء عن أي شخص علمني حرفاً أو كان سبباً سخره الله تعالى لي لأكمل وأنهي دراستي.
أما بخصوص الموضوع الذي طُرِح فأعتقد أنه أساء للمعلم كثيراً بدلاً من الوقوف بجانبه وإنصافه في هذه الفترة التي نشهد فيها انتزاع الصلاحيات منه من قبل وزارة التربية وعدم احترامه من قبل طلابه في بعض الأحيان .. ولا أدري عن أي مدراس يتكلم ذاك الحوار؟ فالمعروف أن الضرب والعنف في المدارس ممنوع منعاً باتاً .. وأن من يضرب الطلاب من المعلمين يتم اتخاذ الإجراءات الصارمة معهم .. والسلطة اليوم هي بيد الطلاب فهم الذين يلعبون دور الضحية دائماً وهم المصدقون في الوزارة وأمام الجهات الأمنية، كما هي بيد أولياء أمورهم أيضاً.. والعقاب الشديد يكون على المعلم المسكين .. وقد تردّت العملية التعليمية لأسباب كثيرة منها هذا السبب .
أنا لست مع ضرب الطلاب المبرح والذي يؤذيهم ولكن كذلك لست مع نزع كل الصلاحيات من المعلمين بحيث يتساووا مع الطلاب .. يجب أن يعود الاحترام والتقدير والمكانة المرموقة للمعلم وللمدير وللمدرسة ككل .
أنا لست مع ضرب الطلاب إلا إذا اقتضت الحاجة لذلك، وبعد استنفاذ كافة الوسائل الممكنة أولاً ، المدرسة تشكل مجتمعاً مصغراً يكون فيه الثواب والعقاب .. فكما توجد العقوبات في القوانين والتشريعات يجب أن تكون هناك عقوبات تدريجية غير الضرب ولكن إذا لم يستجب الطالب لهذه العقوبات فالأفضل معاقبته بالضرب بدلاً من نقله أو فصله من المدرسة.
وأما بخصوص بعض الطلاب الذين يأتون إلى المدارس من بيئة سيئة سواء أسرية أو مجتمعية فهم يشتمون شتى الشتائم ويمارسون كل المنكرات وقد حولوا المدارس إلى أوكار "للهمالة" و"الصيَاعة" .. عدا عن كرههم للدراسة وانشغالهم بالخلويات وغيرها .. أتمنى أن تنشئ الوزارة قسماً لشكاوى المعلمين على الطلاب ويكون هناك خط ساخن لحماية المعلمين من بعض الوحوش البشرية الصغيرة والتي تسمى مجازا طلاباً. 
     
أعتقد أن الحق يقع على وزارة التربية أولاً وأخيراً فيجب عليها أن توازن بين المعلمين والطلاب وتعطي كل ذي حق حقه وعليها أن تؤهل المعلمين وتدربهم لإدارة الصف والطلاب. 
 لا أدري لقد استفزني جداً أسلوب صياغة ذاك الموضوع ولا أستطيع إلا أن أقف بجانب الكادر التعليمي الذي أشفق عليه.
ولا أظن أن المعلمين الذين تعبوا في تعليمنا سيفرحون بهكذا حوارات تسيء لهم !! .. لو أنصفناهم قليلاً ورددا شيئاً من الجميل ومدحنا خيارهم وأثنينا عليهم ثم نقدنا نقداً بناءً بدون استعمال عبارات جارحة تجرح كل معلم وتصفهم بالوحوش وتلقي كل اللوم عليهم .. رفقاً رفقاً بهم.. فلن نجني بهذا الطرح عنباً ولن تحل به المشكلات ..   ولا تخافوا على الطلاب وأهاليهم فهم يعرفون طريق الشكوى إلى الوزارة عبر الخط الساخن وعبر المراكز الأمنية وسيحصلون حقهم أضعافاً مضاعفة إذا حدث خطأ من المعلم وسيتابع المعلم عشائرياً ومدنياً وأمنياً .. لا تخافوا على حقوق هذا الجيل!!!
هناك مشكلة وخلل كبير في العملية التربوية والتعليمية ككل خاصة في القطاع العام في كافة عناصرها (الوزارة المناهج المعلم الطالب الأسرة المجتمع المباني والبنية التحتية....الخ) ... ما هي الخطوات اللازمة من الجميع لإصلاح الخلل  كي يعود الطلاب محبين للمدارس؟؟ .. وكي يعود المعلمون لإخلاصهم القديم وعشقهم للتدريس. ؟ 
 الكل يقع اللوم عليه، منهم أيضا نحن الأهالي، لا أنكر ذلك، تربية الأولاد هذه الأيام أصبحت صعبة، لا أدري ربما نحن أصبحنا بحاجة إلى تأهيل أفضل ومعالجة نفسية من هموم المجتمعات وسوء الأحوال المعيشية والغلاء الفادح، الطلاب أصبحت تشغلهم أمور كثيرة أخرى مثل الستالايت والنت واللعب واللهو... لم تعد الدراسة في سلم الأولويات لديهم.
 أما المدرسون فمشكلاتهم كثيرة من قلة احترام بعض الطلاب والأهالي لهم، وسحب الصلاحيات منهم، ومن قلة الرواتب والحوافز والتدريب، وزيادة عدد الطلاب يصل العدد أحياناً إلى حوالي خمسين طالباً في الصف... لا أدرى كيف يمكن التعامل مع هذا الكم من الطلاب!
الوزارة والمناهج حدث ولا حرج كأنهم تعمدوا أن يخرجوا أجيالا فاشلة ... المناهج لا يوجد فيها تسلسل معرفي البتة... لا يوجد حلول في الكتب لكثير من الأسئلة ... مثلاًً في اللغة العربية يتم وضع نص ما للحفط ثم شرح سطرين أو ثلاثة سطور ... ثم الأسئلة !!! عندما درسنا نحن كان هناك النص وجو النص وشرح الأفكار بطريقة جميلة ... كنت أستمتع بالدراسة.. اليوم كأن الذهاب إلى المدرسة عبء ثقيل على كاهل الطلاب..أسأل الله عز وجل أن يرزقنا مناهج دراسية وفق شرعه الحكيم وسنة نبيه الأمين لنربي جيلاً فاضلاً تقياً بوجود المدرسين الأطهار. 
 أكيد من ناحية دينية وأخلاقية يجب على الإنسان أن يخلص في عمله ابتغاء وجه الله تعالى ما دام راضياَ بهذا العمل متفقاً على الراتب... لكن من الناحية العملية الواقعية كثير من المعلمين يحبطون ولا يعطون العمل حقه متذرعين بقلة الرواتب أو ربما لا تكون عندهم راحة نفسية جيدة للتدريس ... هم أيضاً بشر يشعرون بالظلم والقهر من عدم إنصافهم ولا أبرر لهم عدم الإخلاص في التدريس... فقط هي محاولة لفهمهم.
أنا أعلم أن كثيراً من المدرسين والمدرسات مخلصون في عملهم وهناك ظروف كثيرة جعلت العملية التعليمية معقدة كثيرة المشكلات ... كان الله تعالى في عون جميع المدرسين المخلصين المحبين للمهنة الكريمة الشاقة والمؤدين لهذه الرسالة العظيمة... وأرجو من الله تعالى أن يحقق ما يصبون إليه من تحسن في الرواتب والعلاوات والمكانة المرموقة للمعلم وعودة التقدير والاحترام... نحن مع المدرسين في مطالبهم لتعود المدرسة قلعة شامخة لتخرج أجيالاً تؤمن بالله العظيم وتعرف للوطن حقه وحق المعلم وتقدره 
أتمنى أن نكون من الذين يقومون بدور -ولو كان يسيراً- في عملية الإصلاح التربوي والتعليمي وتوجيه أبنائنا التوجيه الصحيح وغرس حب التعلم فيهم وتجاوز العقبات الحالية... أسال الله العظيم أن يكون حوارنا دائماً بنّاءً للوصول إلى النتائج العملية الواقعية للتغيير إلى الأفضل
·        * من حوارات جيران عمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق