الثلاثاء، 8 مارس 2011

رسالة من أختي... ورسالة عتاب مع "درس في التوحيد"

رسالة من أختي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز
بكل الحب والشوق آمل أن تصلك رسالتي هذه وآمل أن تكون بكل صحة وعافية وتوفيق.
أخي: إنك ولا بد تشعر بالغربة في بلاد لا أنت الفتها ولا أنت تحبها، ولا بد أن تشعر بغربة الإسلام فيها، ولكن الصبر الصبر فالله يحب الصابرين، فقد كانت رسالتك مليئة بالأسى والحزن وأنت تصف تلك البلاد، ولكن هل يستطيع أحد أن يغير القدر؟؟؟
فأنت إن شاء الله ستؤجر على تحملك وصبرك ولا تجعل اليأس يركبك وابتدل بالألم أملاً ولتكن صبوراً رجلاً شجاعاً، دينك هو الذي يعصمك وهو الذي يمنحك القوة، تذكر كيف يعيش مئات المسلمين هنا بلا إسلام حقيقي فأنت أفضل منهم إن شاء الله وأنت في بعد عن الديار.
عليك بالقرآن فهو لك شفاء، وعليك بالقلم أمسكه حين تضيق بك الدنيا بما رحبت، اكتب ما شئت واجعل الورقة صديقتك والألوان لا تنساها فما أحزنني كتابتك لعبارة "اعذروني لأني لم أعد فناناً"، لا فأنت فنان ولكنك لا تملك وقتاً ولا تملك تشجيعاً، ارسم واكتب وعبّر عن مشاعرك كما كنت تفعل عندما كنت بين أهلك وأصدقائك فالحمد لله أنّ لك أهلاً وأصدقاءً يحبونك ويذكرونك بالخير.
كن مع الله يكن معك ولا تنس أذكار الصباح والمساء واختر صديقاً مسلماً حقاً يشعر معك، فالوحدة قاتلة ولا تدع الأسى يقتلك وأنت في شبابك المزهر، اقتل اليأس قبل أن يقتلك، وصدقني أن الأيام ستمر كلمح البرق.
وتذّكر أنك طالب علم، وطالب العلم إذا كان بنية خالصة لله كانت له عبادة عند الله فأخلص في العبادة ولا تكن إلا مجتهداً.
أخي: لست أخاف عليك من الوحوش التي تعيش بينها فكلامك ينبض ويشع إيماناً عميقاً.
حاسب نفسك كل ليلة كما كان يفعل الحسن البصري رحمه الله تعالى ولا تنس الله عز وجل وتذكر أنّ هناك أباً وأماً لا يكفان عن الدعاء لك ليل نهار وصبح مساء. وتذكر السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم شاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد.
أخيراً: لا أدري كيف أقول لك أنّ النصائح تلك خرجت من لساني عفواً رغم أني كنت أريد أن أحدثك عن شيءٍ آخر، لكنّ رسالتك التي تحمل بصمات الحزن قد أثرت فيّ فتصورتك طائراً جريحاً حزيناً، فطر يا أخي ولا تبق كسيراً حزيناً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختك المحبة
يوم الأحد 26/3/1993م


رسالة عتاب من أختي و"درس في التوحيد"
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز
أعجبني خطك لكنّ أفكارك بعيدة عن العقيدة الإسلامية السليمة الصحيحة، التي رضعتها - فيما أزعم – معنا في بيتنا، فالأيام خلق من خلق الله تعالى لا تفعل ما تشاء ولا أحد يفعل ما يشاء إلا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، وصدق الله تعالى في كتابه العزيز الذي قال عن المشركين:
{إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر}
فالدهر ومن فيه وما فيه من قضاء الله وقدره وكيف لا يكون ذلك وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"كل شيءٍ بقدر حتى الكَيَس والعَجزُ".
قال الله تعالى:{إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر}
فهل يليق بك يا أخي أن تقول ما قاله الشاعر:
دع الأيام تفــــعل ما تشــــاء          وطب نفساً بما حكم القضاء
نحن لا نؤمن إلا بحكمه وقضائه ومشيئته وإرادته تعالى وحده الذي أبرم أمر مخلوقاته وقضاه حسب مشيئته وإرادته، ألا تقرأ قول الله تعالى في محكم كتابه:
{ألا له الخلق والأمر تبارك الله أحسنُ الخالقين}
فهذه بديهية من بديهيات ما تعلم {فذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين}
أما بالنسبة للغلاء الذي شكوت منه فنحن على يقين أنه تعالى يعاقب العالم كله بشدة المؤنة وبالمعيشة الضنك لعدم إسلام الوجه له في كل أمر من أمور هذا العالم، وإننا نحن في هذا البلد كذلك قد لحقنا الغلاء.
قال الله تعالى:
{الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} البقرة آية (156)
{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} الشورى آية (30)
{ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير} الحديد الآية (22)
{ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} التغابن الآية (11)
فعليك بالصبر كما أنه ديدننا هنا وحسبنا الله ونعم الوكيل، وإن شاء الله عز وجل سنكتب لك مذكرين لا شاتمين ولا موبخين وأرجو من الله تعالى أن تكون في صحة وعافية في الدين والدنيا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختك
يوم الجمعة 4/11/1994م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق